المهرجان الوطني للمسرح التونسي - مواسم الإبداع- تظاهرة تؤكد من جديد التزامها بدعم الإبداع المسرحي الوطني والانفتاح على الجهات

مواكبة / محمد رضا البقلوطي

لنحتفل جميعا بالمسرح فن الحياة ومنصة الضوء التي تعيد إلينا ثقتنا بالإنسان وبقدرته على التغيير والبناء.  مرحى بتورز منارة مشعة في مسار "مواسم الإبداع"، ومرحى بكل من يجعل من المسرح بيتا للجمال والتجدد... بهذه الكلمات قدم الدكتور معز المرابط، المدير العام للمسرح الوطني التونسي، الحدث الثقافي الهام من خلال المهرجان الوطني للمسرح التونسي - مواسم الإبداع-تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية، في دورته الثالثة التي تقام بكل من ولاية توزر ولاية تونس من 24 أكتوبر 2025 إلى غاية 8 نوفمبر القادم، بتنظيم من المسرح الوطني التونسي وبالشراكة مع جمعية عبد الوهاب بن عياد، في تظاهرة تؤكد من جديد التزامها بدعم الإبداع المسرحي الوطني والانفتاح على الجهات.

 الانطلاق إلى توزر عبر "قطار المسرح":

هذا ويكون الانطلاق إلى ولاية توزر عبر "قطار المسرح" بمساهمة الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية إذ تضع قطارا على ذمة التظاهرة حيث ستتحول عربات القطار التي يستقلها الفنانون المسرحيون إلى فضاء للإبداع واللقاء من خلال العروض المسرحية والفنون الأدائية.

وتُعدّ توزر أول محطة ضمن هذا التوجه الجديد الذي تسعى إدارة المهرجان إلى ترسيخه تدريجيا، ومن المنتظر أن تشمل الدورات القادمة ولايات أخرى. وتقام بجهة توزر فعاليات متنوعة من 24 إلى 30 أكتوبر تشمل بالخصوص عروضا مسرحية وفنية، وعرض افتتاحي موسيقي ومسرحي راقص في أجواء تجمع بين الفنون المختلفة.

بذلك تعيش ولاية توزر على مدى أسبوع كامل على وقع برمجة مكثّفة ومتنوعة من العروض والأنشطة الفكرية والتكوينية، وذلك ضمن الدورة التأسيسية لملتقى الجنوب للمسرح وتحت عنوان المسرح والمدينة. تتوزع على فضاءات مختلفة في 6 معتمدات هي توزر المدينة ونقطة ودقاش وحزوة وتمغزة وحامة الجريد. وتقام هذه العروض في فضاءات متعددة من بينها دار الشريط والمقهى الثقافي المينار ومنتزه البركة ودار الثقافة بحامة الجريد، بالإضافة إلى الساحات العامة في نفطة ودقاش وحزوة، وهي خطوة تهدف إلى تدعيم لامركزية اللامركزية.

ميلاد دورة جديدة تعيد المسرح إلى فضائه الطبيعي وسط الجمهور وفي قلب المناطق الداخلية:

وبذلك يتم افتتاح الدورة الجديدة بولاية توزر ببرمجة "مواسم الإبداع في الجهات - الدورة التأسيسية لملتقى الجنوب للمسرح"، بالشراكة مع مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر، في خطوة ترمي إلى توسيع إشعاع الفعل المسرحي ليشمل مختلف الجهات التونسية في قادم الدورات وبالتالي فإن المهرجان ينطلق من هذه الجهة فيما يُشبه إعلان ميلاد دورة جديدة تعيد المسرح إلى فضائه الطبيعي وسط الجمهور وفي قلب المناطق الداخلية.

كذلك يتابع عشاق الفن الرابع في هذه الجهة مجموعة من العروض المسرحية من إنتاجات مختلفة، من أبرزها قرط من إنتاج المسرح الوطني التونسي وإخراج محمد بوسعيدي والأمير الصغير; للمخرج مقداد صالحي وتسعة للمخرج معز القديري وشَعلة للمخرجة أمينة الدشراوي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوين وقصر الثرى للمخرج حافظ خليفة، بالإضافة إلى عروض جوالة في قلب مدينة توزر بمشاركة المركز الوطني لفن العرائس. 

كما تقدم هذه الدورة إضافة نوعية جديدة عبر إحداث فضاء حواري مفتوح تحت عنوان "أغورا المواسم" يُعنى بالنقاش بين المسرحيين حول أبرز القضايا التي تهم الفعل المسرحي في تونس من تشريعات وتنظيمات ومسائل مهنية وإبداعية. ويهدف هذا الفضاء إلى بلورة ورقة عمل تضم المقترحات والتوصيات التي تنبثق عن هذه اللقاءات في سعي لتطوير القطاع المسرحي الوطني ومواكبته للتحولات الراهنة. كذلك تتضمن البرمجة معرضا للفن التشكيلي بالشراكة مع المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر تونس وهو ما يعكس انفتاح المسرح على بقية الفنون الأخرى.

المسرح التونسي: أسئلة الهوية، الغيرية وتمثلات الذات -نحو مدرسة تونسية في المسرح:

وخلال الندوة الصحفية التي انعقدت يوم 21 أكتوبر في قاعة الفن الرابع بالعاصمة تم الإعلان عن تفاصيل البرمجة الرسمية للمسابقة ومختلف الفقرات الفنية للدورة. والتي من أبرزها الندوة الفكرية: المسرح بين الهوية والغيرية، تقام يومي 25 و26 أكتوبر بالشراكة بين المسرح الوطني التونسي والمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة تحت عنوان: المسرح التونسي: أسئلة الهوية، الغيرية وتمثلات الذات -نحو مدرسة تونسية في المسرح؟ ويؤثث هذه الندوة نخبة من الأكاديميين والمخرجين والنقاد على غرار عبد الحليم المسعودي ومحمد المديوني وحسام المسعدي ونزار السعيدي وعبد الجليل بوقرة ومحمد مومن وكريم الثليبي وفوزية المزي. وتهتم الجلسات بعدة محاور تتعلق بمسألة الهوية في المسرح التونسي والعلاقة بين الذات والآخر وجدلية المحلية والعالمية، إلى جانب التساؤل حول إمكانية الحديث عن مدرسة تونسية في المسرح.

وللإشارة فإن فعاليات المهرجان تتوزع على مرحلتين: الأولى بمدينة توزر من 24 إلى 30 أكتوبر2025، وتشمل العروض المسرحية والملتقيات الفكرية، فيما تُقام المرحلة الثانية في تونس العاصمة من 31 أكتوبر إلى 8 نوفمبر وتتضمن عروض المسابقة الرسمية التي تشمل 14عرضا مسرحيا.

مع العلم فإن العروض المشاركة في المسابقة هي من إنتاج شركات مسرحية خاصّة، إلى جانب عمل لمركز الفنون الدرامية والركحية بنابل وانتاجات المسرح الوطني التونسي.

وتُنتظم عروض المسابقة الرسمية بقاعة الفن الرابع وقاعة الأوديتوريوم بقصر المسرح بالحلفاوين. ويسند المهرجان بالتعاون مع شريكه الرسمي جمعية عبد الوهاب بن عياد، مجموعة من جوائز الإبداع المسرحي تقديرا لأفضل الأعمال المسرحية بناء على قرارات لجنة تحكيم مكونة من مختصين من ذوي خبرة وكفاءة.

وبعد أسبوع من الفعل الثقافي في توزر، تنتقل فعاليات المهرجان إلى تونس العاصمة بداية من 31أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025، حيث تحتضن قاعة الفن الرابع وقاعة الأديتوريوم بقصرالمسرح في الحلفاوين العروض المشاركة في المسابقة الرسمية، التي تضم أربعة عشر 14عملا مسرحيا تم اختيارها من قبل لجنة مختصة برئاسة لطفي العربي السنوسي وعضوية سيف الفرشيشي وجميلة التليلي. وتحتكم عروض المسابقة الرسمية إلى تحكيم يرأسها محمد المديوني وتضم فائزة المسعودي وصالح الفالح ورمزي عزيز، حيث ستسند الجوائز الرسمية لأفضل عرض متكامل وأفضل إخراج وأفضل نص وأفضل أداء رجالي وأفضل أداء نسائي. وهذه الأعمال هي وراك من إخراج أوس إبراهيم وتمثال حجر لكريم عاشور وكيما اليوم للمخرجة ليلى طوبال ورار لعز الدين بشير والوحش فيّ لمحمد البركاتي ولعفرتة من إخراج يوسف مارس وأرمدجون لمعز القديري والزنوس لصالح حمودة والهاربات للمخرجة وفاء الطبوبي وجاكراندا لنزار السعيدي وسقوط حر لنعمان حمدة وسوڨرا لحاتم دربال وعلى وجه الخطأ من إخراج عبد القادر بن سعيد وسيدة كركوان للثنائي وجدي القايدي وحسام الساحلي.

هذا ويواصل المهرجان في إسناد ثلاث جوائز تشجيعية لدعم المواهب الشابة في المجالات الموازية للمسرح وهي جائزة أفضل مقال نقدي وتحتكم للجنة برئاسة فوزية بلحاج المزي وعضوية ليلى بورقعة. وجائزة أفضل فيديو برئاسة مراد بن الشيخ وعضوية نضال قيقة وكذلك جائزة أفضل صورة فوتوغرافية برئاسة قيس بن فرحات وعضوية أميرة زيلي.

وضمن البرنامج الموازي، يحتضن فضاء أغورا المواسم حلقات نقاش مفتوحة بين الفنانين والباحثين وصنّاع القرار حول السياسات الثقافية والتشريعات ودور المسرح في الحياة العامة.

كما ينظّم المهرجان بالتعاون مع المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر معرضا تشكيليا بعنوان مشهديات تكريما للفنان الراحل عادل مقديش أحد أبرز رموز الفن التشكيلي التونسي الذي أسهم في ربط التشكيل بالمشهد المسرحي من خلال أبحاثه حول الصورة والفضاء...