"الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الإذاعي" محور ورشة مهنية نظمها اتحاد إذاعات الدول العربية

مواكبة / محمد رضا البقلوطي 

نظم اتحاد إذاعات الدول العربية ورشة مهنية في إطار أشغال اللجنة الدائمة للإذاعة حول موضوع "الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الإذاعي «وذلك يوم الاثنين   22 سبتمبر الجاري ، حيث تضمنت الورشة مداخلات ولقاءات حوارية  حول مستقبل العمل الإذاعي من خلال محاور تتعلق  بنماذج في الإدارة والتخطيط باستخدام الذكاء الاصطناعي من المؤسسات الإعلامية الدولية و الأدوات الجديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل الإذاعي وعرض تجارب مؤسسات كبرى في تصنيع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتناسب احتياجات المؤسسة بدلا من استيراد تقنيات جاهزة كذلك إبراز مستقبل الإنتاج الإعلامي الإذاعي كما تخطط له كبرى المؤسسات والهيئات الإعلامية.

 أي مستقبل للإذاعة في العصر الرقمي: 

ومن محاور الجلسة الثانية حول أدوات الذكاء الاصطناعي في الإذاعة تم تشخيص الاحتياجات وتحديد الأولويات، التحديات الإقليمية، الحلول المقترحة للتحديات، الإطار التنظيمي والقانوني، مستقبل الإذاعة في العصر الرقمي، تشكيل الفريق والمهارات المطلوبة من مهندسين ومديري الإنتاج ومحللي البيانات، كما تم الحديث عن البنية التحتية المطلوبة وإبراز ثقافة الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسة مع تقديم أدوات وتطبيقات عملية وعرض دراسات حالات دولية وإقليمية كذلك خارطة طريق التبني التدريجي للذكاء...

كما تقدّم عدد من الاذاعات العربية تجاربها في هذا المجال وهي إذاعات السعودية والسودان وقطر والكويت. وقد أقيمت هذه الورشة بحضور أعضاء اللجنة الدائمة للإذاعة بالاتحاد من ممثلي الهيئات الإذاعية العربية. وتولى تنشيطها الخبيران الأستاذ أحمد الشيخ من مصر والدكتور وجدي الزغواني من تونس...

وللإشارة فإن الأستاذ أحمد الشيخ هو خبير إعلام رقمي دولي يتمتع بسجل حافل من التعاون مع مؤسسات إعلامية عالمية رائدة مثل "بي بي سي". يشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي ومستشار الإعلام الرقمي في شركة “Mediamise” للاستشارات في لندن، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس مجلس الإعلام الرقمي في النقابة الوطنية للصحفيين في المملكة المتحدة وأيرلندا. تتركز خبرته في مجالات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، سياسات شركات التكنولوجيا الكبرى، ومكافحة التضليل الإعلامي. وهو يعمل كمتحدث عام، معلق إعلامي، ومدرب متخصص في هذه المجالات، حيث يقود مشاريع تدريب وتطوير للمؤسسات الإعلامية حول العالم. وقد أسس الأستاذ الشيخ مبادرة "الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية"، وتحولت إلى مؤسسة نزاهة الذكاء الاصطناعي وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تمكين الصحفيين والمنظمات غير الحكومية عبر التكنولوجيا. وهو حاصل على درجة الماجستير في “الدور السياسي لوسائل التواصل الاجتماعي” من جامعة وستمنستر في لندن.

أما الدكتور وجدي الزغواني فهو أستاذ مشارك متخصص في الذكاء الاصطناعي وتحليل وسائل التواصل الاجتماعي في جامعة نورثويسترن في قطر. يحمل درجة الدكتوراه في معالجة اللغات الطبيعية من جامعة باريس 10، وهو خبير في مجالات متعددة تشمل العلوم الإنسانية الرقمية والمعالجة الآلية للغة العربية كما يتمتع الدكتور الزغواني بخبرة أكاديمية وبحثية واسعة، حيث شغل مناصب في جامعة حمد بن خليفة (HBKU)، وجامعة كارنيجي ميلون في قطر (CMU-Q)، وجامعة بنسلفانيا. قاد وشارك في العديد من المشاريع البحثية الممولة بمنح تتجاوز قيمتها 6 ملايين دولار أمريكي، أبرزها مشاريع حول المواطنة الرقمية في قطر، وكشف خطاب الكراهية باللغة العربية. له أكثر من 120 منشورًا علميًا محكّمًا، ويشغل أدوارًا تحريرية في مجلات علمية مرموقة...

نموذج مُدمج، الذكاء الاصطناعي يُضيف الكفاءة، والبشر يحافظ على الواقعية:

من خلال المتابعة الحينية لواقع الإذاعة زمن الرقمة نلاحظ أن الذكاء الاصطناعي يستطيع التعامل مع توصيات المحتوى وأتمتة قوائم التشغيل، بينما يُضفي المُضيفون البشريون الدفء والتفاعل الذين يُبقيان الجمهور مُتابعًا. بالنسبة للمُذيعين، لا يتعلق الأمر باستبدال اللمسة البشرية بالتكنولوجيا، بل بتحسين التجربة. في هذا النموذج المُدمج، يُضيف الذكاء الاصطناعي الكفاءة، ويُحافظ البشر على الواقعية.

في حين أن مشهد الراديو قد تغير عالميا، حيث يُعيد البث المباشر والبودكاست تشكيل طريقة استماعنا، والآن يُضيف الذكاء الاصطناعي بُعدًا جديدًا. من المُضيفين المُولّدين بالذكاء الاصطناعي إلى قوائم التشغيل المُنسّقة والبرامج الآلية، تُعيد التكنولوجيا تعريف الراديو. في السوق الديناميكية والبارعة تقنيًا، فقد أجرت شركة Ipsos دراسة لفهم شعور المستمعين تجاه الحضور المتزايد للذكاء الاصطناعي في الراديو. إذ كشف النتائج عن مزيج من الحماس والحذر. صحيح أن 54% من المستمعين يعرفون عن الراديو المُدار بالذكاء الاصطناعي، وقد جرّبه 43% منهم، ولكن هناك مُشكلة: يقول 67% إن الراديو المُنتَج بالكامل بالذكاء الاصطناعي يبدو باردًا بعض الشيء، ويفتقر إلى الدفء الذي يُضفيه المُضيفون البشريون الحقيقيون. في الواقع، يقول 7 من كل 10 مستمعين إن الأصوات الحقيقية تجعل الراديو يبدو شخصيًا وذو صلة.

ولكن ليس كل شيء حذرًا؛ فالمستمع أكثر انفتاحًا على الفكرة، ويُحب كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي تخصيص الموسيقى وتبسيط المحتوى. حتى الذكاء الاصطناعي يكسب ثقة الجمهور في الأخبار، إذ يعتقد اثنان من كل خمسة مستمعين أنه يقدم تحليلًا أكثر حيادية ودقة. مع ذلك، يرى معظمهم أن المحطات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي فقط تفتقر إلى التواصل مع المضيفين البشريين، ويقول 7 من كل 10 إنهم من غير المرجح أن يتفاعلوا مع المحطات التي تعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي.

يستطيع الذكاء الاصطناعي التعامل مع توصيات المحتوى وأتمتة قوائم التشغيل، بينما يُضفي المُذيعون البشريون الدفء والتفاعل الذين يُبقيان الجمهور مُتابعًا. بالنسبة للمذيعين، لا يتعلق الأمر باستبدال اللمسة البشرية بالتكنولوجيا، بل بتحسين التجربة.

في هذا النموذج المُدمج، يُضيف الذكاء الاصطناعي الكفاءة، ويُحافظ البشر على الواقعية. من خلال الجمع بين التكنولوجيا والروح، يُمكن للإذاعة أن تُحافظ على حداثتها، مما يجعلها أفضل ما في العالمين في عالم صوتي سريع التغير... 

تعزيز قدرة الصحافة على تقديم محتوى مبتكر وجذاب:

هذا وقد تعددت المداخلات خلال أشغال الورشة حيث تقدم المتدخلون بملاحظات ومعطيات تؤكد على مساهمة الذكاء الاصطناعي في تخصيص الأخبار بناءً على تفضيلات القراء، مما يعزز التفاعل وزيادة الجمهور. إضافة إلى ذلك، تستخدم بعض المؤسسات الإعلامية الذكاء الاصطناعي لإنشاء تقارير تفاعلية وتجارب غامرة باستخدام تقنيات مثل التعلم الآلي والواقع الافتراضي، ما يعزز قدرة الصحافة على تقديم محتوى مبتكر وجذاب كما أن الذكاء الاصطناعي يقوم على خوارزميات ونماذج تدريبية، غير أن المنطقة العربية تعاني من نقص في الموارد والبرمجيات العربية، وهو ما يجعل الثقافة والتراث العربيين غير ممثلَين بالصورة المطلوبة. كذلك تم التأكيد على ضرورة وضع مدونات سلوك خاصة بالصحفيين وباستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي، على أن تعكس هذه المدونات الثقافة الوطنية والقيم العربية.

من جهته أكد باسل الزعبي، مدير إدارة التكنولوجيا في اتحاد إذاعات الدول العربية أن الاتحاد يعمل على تفعيل قرارات الجمعية العامة بإنشاء مجموعة عربية للذكاء الاصطناعي، يكون من مهامها حماية الخصوصية والملكية الفكرية وتطوير نماذج وبرمجيات عربية قادرة على مواكبة التطورات العالمية. معتبرا أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل وسيلة لتسريع الأداء الإعلامي وتجويد المخرجات، مع ضرورة إعادة التفكير في بعض المهام الوظيفية التي قد تتأثر بالتطور التكنولوجي.

وبدوره أكد يوسف السريع، مدير عام إذاعة دولة الكويت، أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة أساسية في الإعلام والإنتاج الإذاعي، حيث يسهم في تسريع عمليات المونتاج والتحليل والتقديم، إلى جانب اقتراح الأفكار وصناعة خرائط البرامج ورصد المحتوى بدقة عالية. معتبرا أن هذه التقنية تمثل ثورة حضارية جديدة تدعم قدرات الشباب وتفتح أمامهم آفاقًا للإبداع والابتكار، مع التأكيد على أن العنصر الإنساني يظل أساس العملية الإعلامية...

انطلاق أشغال الاجتماع الخامس والثلاثين للجنة الدائمة باتحاد إذاعات الدول العربية:

 من جانب آخر انطلقت أشغال الاجتماع الخامس والثلاثين للجنة الدائمة باتحاد إذاعات الدول العربية التي انطلقت أمس الاثنين بمقر الاتحاد بالعاصمة تونس. وذلك لمناقشة جملة من المواضيع المدرجة في جدول الأعمال منها الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة والمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون من خلال تقييم دورتي 2025 والأعداد لدورتي 2026، وكذلك تقييم الدورة 15 للمسابقة العربية للموسيقى والغناء، والنظر في مقترح مشروع تطويرها. كما إن اجتماعات اللجنة التي تستمر يومين تبحث في مقترح مشروع تأسيس مجموعة الكتب الصوتية في اتحاد إذاعات الدول العربية، ونشاط التبادلات الإذاعية والدعم الإعلامي للقضية الفلسطينية، ويتم النظر في البند الخاص ببغداد عاصمة للثقافة الإسلامية 2026، فيما تونس مرشحة لتكون عاصمة للسياحة العربية لسنة 2026، والقدس عاصمة دائمة للإعلام العربي 2026...