مواكبة / محمد رضا البقلوطي
شهد العالم في الآونة الأخيرة اهتمامات بالغة لأنموذج الاقتصاد الدائري، وهو النمط الاقتصادي البديل الذي يهتم بتغيير كل أساليب الإنتاج، وأنماط الاستهلاك غير المستدامة من خلال الاستخدام الرشيد للموارد، إعادة التدوير والتصنيع للمواد والمنتجات، التصميم البيئي والايكولوجيا الصناعية، حيث أصبح يشكل وسيلة للتنمية المستدامة من شأنها توجيه الدول إلى تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المحدودة والحفاظ على البيئة. ذلك ما تم الاهتمام به في أشغال الدورة السادسة لمنتدى التقارب التونسي والذي أنتظم يومي 28 و29 جويلية 2025 بمدينة الثقافة بتونس ببادرة من وكالة التعاون الفني والتنمية ومشاركة عديد الأطراف من بينها منظمات وجمعيات شريكة منها"Convergences "و "We Love Sousse"؛ حيث تم تسليط الضوء على ثلاثة محاور كبرى هي الاقتصاد الدائري والاقتصاد الاجتماعي التضامني من خلال دعم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات وأخيرا تنفيذ أهداف التنمية المستدامة عبر الشراكات متعددة الأطراف والديناميكية الإقليمية.
الانخراط في الاقتصاد الدائري لم يُعد خيارا بل هو توجه عالمي:
هذا وقد خصصت الجلسة الأولى لموضوع الاقتصاد الدائري: التجديد، المشاريع النموذجية والإطار التشريعي، وفي هذا السياق قدم السيد ناصر بوخريص مستشار الجامعة الوطنية للبلديات التونسية المكلف بالتصرف في النفايات مداخلة حول دور الجامعة في مرافقة البلديات في هذا المجال، مؤكدا أن الانخراط في الاقتصاد الدائري لم يعد خيارا بل هو توجه عالمي، مؤكدا أن البلديات باعتبارها طرفا محوريا في هذه المعادلة، فهي بحاجة إلى إصلاحات تشريعية خاصة على مستوى النصوص الترتيبية لتسهيل الإجراءات وإنجاز مشاريع بلدية تساهم في التصرف الناجع في النفايات وتثمينها. إذ أن نجاح كل مسار الاقتصاد الدائري مرتبط بانخراط جميع الأطراف انطلاقا من الفرز الانتقائي وصولا إلى التثمين، خاصة وأن المبادرات النموذجية للفرز الانتقائي لم تكن ناجعة إلى حد كبير، وهو ما يقتضي العمل المشترك ضمن إطار تشريعي واضح يشجع على الاستثمار في الاقتصاد الدائري وفي إطار منظومة متكاملة تعمل على ترسيخ التصرف الناجع في النفايات وتحويلها إلى مصدر للثروة.
إذ أصبح الاقتصاد الحالي أو ما يسمى بالاقتصاد الخطي الذي يقوم على "الاستخلاص، الإنتاج، الاستهلاك و الرمي" يساهم بشكل كبير في استنفاذ قاعدة الموارد الطبيعية بسرعة، و تدهور الأنظمة البيئية الطبيعية مثل المياه والهواء والأرض، الأمر الذي أدى إلى البحث عن نظم اقتصادية صديقة للبيئة ، وأقل أضرارا لها، واستنزافا لمواردها، من بين تلك الأفكار فكرة الاقتصاد الدائري كبديل للاقتصاد الخطي الذي لا ينتج نفايات و لا تلوث...تلك هي من بين أهم المحاور التي تم طرحها خلال فعاليات المنتدى في إطار سلسلة من الجلسات النقاشية وورش العمل التشاركية والجلسات العامة بمشاركة متحدثين تونسيين ودوليين. وقد تم التركيز على تبادل المبادرات الملموسة، وتعزيز أفضل الممارسات، وتحديد دوافع التغيير على جميع المستويات: المحلية والوطنية والإقليمية...إلى جانب عديد المواضيع، جلسة مواضيعية شيقة بعنوان "التصميم البيئي والابتكار: من أجل مستقبل مستدام للحرف اليدوية التونسية.
بناء مجتمع أكثر استدامةً ووحدةً وشمولً لتعزيز تونس خالية من الإقصاء والكربون والفقر:
هذه التظاهرة المتميزة هي فرع من منتدى "تقارب العالم" في باريس، مثلت حدثًا رئيسيًا جمع أكثر من 700 مشارك من خلفيات متنوعة: صناع القرار، والجهات المعنية بالمجتمع، ورواد الأعمال، والأكاديميين، ووسائل الإعلام، والشباب الملتزم. جمعهم جميعًا هدف مشترك: بناء مجتمع أكثر استدامةً ووحدةً وشمولً هدفهم كذلك تعزيز تونس خالية من الإقصاء والكربون والفقر.
وبالتالي يعتبر منتدى "تقارب تونس" نفسه كمنصة مفتوحة وتعاونية ومتعددة القطاعات، تجمع جميع أصحاب المصلحة الحريصين على العمل من أجل مستقبل أكثر إنصافًا ومرونة. كما يعزز المنتدى، مدفوعًا بالزخم الجماعي، مكانته عامًا بعد عام في صميم النقاشات حول تحول النماذج الاقتصادية والاجتماعية في تونس. ويدعم كذلك بروز أشكال جديدة من ريادة الأعمال، ويعزز الصناعات الثقافية والإبداعية، ويشجع على التآزر بين القطاعات العامة والخاصة وغير الربحية. كذلك مكن المنتدى زواره من الاستفادة من مضامين اللقاءات الحوارية وزيارة أجنحة قرية حلول بقيادة العديد من الجهات المعنية للاطلاع على إنجازات وإبداعات شبابية ...
فعلا كان منتدى "تقارب تونس 2025" الدولي فرصةً مثاليةً للتأمل والبناء المشترك والتعبئة لأولئك الذين يضعون التضامن والبيئة والابتكار في صميم التزاماتهم في تونس وخارجها.
جمعية التونسيين خريجي المدارس العليا تنظم لقاءات جهوية لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع والكفاءات المحلية:
من جانب آخر نظمت جمعية التونسيين خريجي المدارس العليا (ATUGE)، العضو في التحالف الدولي للكفاءات التونسية (WATT)، بنجاح الدورة الثانية لمنتدى تونس الدولي (TGF). وكحدث بارز في شهر التونسيين بالخارج، حطم المنتدى أرقامًا قياسية بمشاركة أكثر من 2500 شخص حضوريًا، من بينهم 600 من رؤساء الشركات والمديرين التنفيذيين والأكاديميين رفيعي المستوى من 33 دولة، ممثلين بذلك 99% من الجالية التونسية بالخارج، كما جمع أكثر من 150 شركة ناشئة ومؤسسة. تحت شعار "ربط كفاءاتنا، تواصل مع المستقبل"، أكد المنتدى مجددًا على الدور المحوري للكفاءات التونسية في تنمية البلاد. تميز الحدث بحضور السيد فتحي النوري، محافظ البنك المركزي التونسي، وبكلمات ملهمة ألقاها كل من السيد حازم بن قاسم (BlueFive Capital) والسيد كريم بقير (InstaDeep). بمشاركة أكثر من 100 متحدث في 6 مؤتمرات وأكثر من 35 حوارًا، ركزت النقاشات على الاستثمار وجاذبية الجهات وآليات عودة الكفاءات، معتمدة على عرض دراسة حصرية حول الموضوع، ممولة من برنامج"THAMM" التابع للمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج (OFII). سلطت الحوارات الضوء على حيوية المنظومة التونسية بمشاركة فاعلين رئيسيين في مجالات التمويل (Smart Capital, ...)، والابتكار (Flat6Labs)، ومنظمات دولية (GIZ, SwissContact, المنظمة الدولية للهجرة، إلخ)، والتي تغطي قطاعات استراتيجية.المنتدى يتواصل في الجهات مع الشبكة الإقليمية للتونسيين بالخارج (DRN)لا تتوقف ديناميكية منتدى تونس الدولي في العاصمة. فبفضل برنامج الشبكة الإقليمية للتونسيين بالخارج (DRN)، وهي مبادرة رئيسية تقودها جمعية "ATUGE" وتحالف "WATT،" لتمتد النقاشات والفرص إلى قلب الجهات التونسية. إذ تهدف هذه الجولة الاستثنائية إلى ربط كفاءات التونسيين بالخارج مباشرة بالمنظومات المحلية لتحفيز التنمية الجهوية طوال شهر التونسيين بالخارج.
جدول لقاءات الشبكة الإقليمية للتونسيين بالخارج - صيف 2025
- الاثنين 28 جويلية في صفاقس : الساعة الخامسة مساء ، نزل كونكورد
-الجمعة 1 أوت في سليانة : الساعة العاشرة صباحا ،بمقر ولاية سليانة
- الثلاثاء 5 أوت في الحمامات : الساعة السادسة والنصف مساء بفضاء "Hammamet Valley"
- الخميس 7 أوت في سوسة : الساعة العاشرة صباحا بفضاء "Novation City"
- الجمعة 8 أوت في الكاف : الساعة العاشرة صباحا مركز "أليف "
- الثلاثاء 12 أوت في جربة : الساعة 18 :30، مركز " أليف"
- الخميس 14 أوت في باجة : الساعة العاشرة صباحا مركز " أليف "
حيث تمثل هذه اللقاءات الجهوية فرصة فريدة لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع والكفاءات المحلية للتواصل المباشر مع أفراد الجالية التونسية بالخارج، وبناء شراكات استراتيجية، والمساهمة بفعالية في نمو جهاتهم. وقد وجهت جمعية التونسيين خريجي المدارس العليا وشركاؤها الدعوة لجميع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين للانضمام إلى هذه المبادرة لبناء مستقبل تونس معًا.
