مواكبة / محمد رضا البقلوطي
احتضنت تونس فعاليات الدورة الرابعة للمنتدى الدولي للمسؤولية الاجتماعية للشركات تحتضن تونس يومي 28 و29 ماي الجاري، تحت عنوان "إعادة النظر في إستراتيجية المسؤولية المجتمعية للشركات في عصر الذكاء الاصطناعي" وقد مثل المنتدى مناسبة لتقديم تصور جديد للعلاقة بين المسؤولية المجتمعية للشركات والتكنولوجيات الحديثة المتعلقة أساسا بالذكاء الاصطناعي. والتأكيد على أهمية الجانب التطوعي للشركات بالإضافة إلى الجانب التشريعي من أجل تسريع نسق دخول الشركات التونسية إلى الأسواق العالمية.
وقد شهد المنتدى بحضور خبراء وطنيين ودوليين وشركات عامة وخاصة ومؤسسات حكومية ومنظمات دولية وأكاديميين ومبتكرين شبان، فضلا عن فاعلين من المجتمع المدني برنامجا ثريا تضمن ورشات عمل، شكلت مجالا للمشاركين لتبادل الخبرات والاستفادة من بعضهم البعض ومن الخبراء في مجالات إعداد التقارير المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والأمن السيبراني لاستدامة المؤسسات ومحور التنمية الجهوية في علاقة بمسؤولية الشركات بالإضافة لقاءات لمناقشة التحديات والفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي من حيث مراجعة استراتيجيات المسؤولية المجتمعية للشركات وما تتضمنه من قيم يمكن إضافتها من ذلك زيادة شعور الموظفين بالرضا وزيادة اهتمام الحرفاء بالشركة وتمكين الموظفين وتحسن مستوى الصحة العامة والسلامة النفسية وتحقيق التنوع والشمولية والنهوض بالحفاظ على البيئة. ومعاملة الموظفين معاملة أخلاقية يشجع على تبني المسؤولية الاجتماعية للشركات...
تناول موضوع المسؤولية الاجتماعية بين الأجيال في نظر جيل الشباب:
كما دارت حلقات النّقاش، في إطار جلسات عامة حول الفرص والتّحديات في عالم متغير باستمرار والمرتبطة بإدارة رأس المال البشري والمالية المستدامة والتسويق المسؤول والتحول في مجال الطاقة ومجال الصناعة من 4.0 إلى 5.0. إضافة إلى تنظيم حلقة حوار مميزة لشباب تلمذي تحت رعاية وزارة التربية، لتناول موضوع المسؤولية الاجتماعية بين الأجيال في نظر جيل الشباب.
وقد تم خلال المنتدى الدعوة إلى مزيد العمل فيما يتعلّق بجانب المسؤولية المجتمعية للشركات في تونس، رغم ما يلاحظ من نقص في الوعي بأهمية هذه المسؤولية في تونس، والذي من شأنه أن يحول دون جذب الاستثمارات الأجنبية نحو تونس وتم عرض رؤية وزارة الاقتصاد والتخطيط في المسؤولية الاجتماعية للشركات حيث أنّ الوزارة تعمل عبر نقطة الاتّصال الوطنية، على التدخّل المبكر والتوفيق بين الأطراف المعنية في حال وجود إخلالات، بهدف تجنب العقوبات والوصول إلى حلول عبر الحوار والتفاهم. كما أن الجهد الوطني المتواصل لتوثيق الممارسات، بهدف إرساء منظومة إحصائية دقيقة حول مدى التزام المؤسّسات بالمبادئ الأممية، وذلك في إطار إعداد البرنامج الوطني لتطبيق المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، بإشراف رئاسة الحكومة، وبالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط. كما أنّ القانون عدد 35 لسنة 2018 المتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات، يوضّح بجلاء الجوانب الإلزامية والتطوعية في سلوك المؤسسات، ويحدّد بصرامة تبعات المخالفات، لكن الهدف الأساسي، هو بناء ثقافة مؤسساتية وقائية قائمة على الحوار وليس الردع.
من تحديات المسؤولية الاجتماعية للشركات تحسين ظروف العمل، حماية البيئة، تعزيز المساواة، والمساهمة في التنمية المحلية:
ومن بين الاستنتاجات خلال سلسلة الحوارات أن المسؤولية الاجتماعية للشركات أصبحت اليوم مفهومًا أساسيًا في المشهد الاقتصادي، حيث تلعب دورًا حاسمًا في التنمية المستدامة للشركات والمجتمعات. وفي تونس، يكتسب هذا المفهوم أهمية متزايدة، ليس فقط باعتباره حافزا للأداء الاقتصادي، بل أيضا باعتباره ضامنا للانتقال وللتقدم الاجتماعي والبيئي. ثم أن الفكرة وراء المسؤولية الاجتماعية للشركات هي أن الشركات تتحمل مسؤولية العمل بطريقة ليست مربحة فحسب، بل مفيدة أيضاً للمجتمع والبيئة. وهذا يعني مراعاة تأثير أفعالهم على الموظفين والعملاء والموردين والمجتمعات المحلية والكوكب ككل. كما يعني اتخاذ خطوات للتخفيف من أي آثار سلبية والعمل بنشاط لخلق آثار إيجابية. كما أدركت في هذا الصدد العديد من الشركات التونسية أن المسؤولية الاجتماعية للشركات يمكن أن تشكل ميزة تنافسية. ومن خلال تبني ممارسات مسؤولة، مثل الحد من بصمتها البيئية أو الاستثمار في تنمية مهارات موظفيها، عاملا مهما في رقيها وتطور أنشطتها وهو ما يزيد في دعم الشركات في تحسين علامتها التجارية وتعزيز علاقتها مع المستهلكين والوصول إلى أسواق جديدة، وخاصة تلك الحساسة للمخاوف الاجتماعية والبيئية.
وبذلك فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات تشمل جميع الممارسات التي تطبقها الشركات لدمج الاهتمامات الاجتماعية والبيئية وما شابهها في أنشطتها التجارية وتفاعلاتها مع الأطراف المعنية بمسارات عملها. وفي تونس، تتعدد تحديات المسؤولية الاجتماعية للشركات وهي تتعلق اساسا بتحسين ظروف العمل، وحماية البيئة، وتعزيز المساواة بين الجنسين، والمساهمة في التنمية المحلية، وما إلى ذلك من تحديات حاسمة.
معرض متنوع لتجارب المؤسسات الفاعلة والمسؤولة وخدماتها:
هذا وتم خلال المنتدى، إقامة معرض متنوع لتجارب المؤسسات الفاعلة والمسؤولة وخدماتها، حيث أتاح فرصة لتبادل الأفكار والتجارب بين الشركات على المستويين الوطني والدولي، إضافة إلى الدورات التدريبية في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات المعتمدة من مركز تدريب عالمي.
وكشف المنتدى النقاب عن أفضل مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات التي تقدمت بملفاتها في مسابقة جوائز المسؤولية الاجتماعية للشركات، حيث تم الإعلان عن أفضل ثلاثة حلول مبتكرة اقترحتها الفرق الشابة التي شاركت في مسابقة IA/RSE/ESG Hackathon يومي 24 و25 ماي.
وللإشارة وفي زمن تطور اكتساب الأهمية المتزايدة في عالم الأعمال المسؤولية الاجتماعية للشركات أصبحت الحاجة ملحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وتقليل من الثغرات. والتي تسببت في الفشل أو الأداء غير السليم لبرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات بسبب ثلاثة عوامل - عدم الدقة في عملية قياس التأثير، وموقف وسلوك الإدارة تجاه برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركات، والدمج غير السليم لمبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات مع استراتيجيات العمل وبذلك فإن فهم الذكاء الاصطناعي الدوافع القيمة للأعمال للشركة وكذلك قدرته على توليد نتائج إيجابية لأصحاب المصلحة المتعددين. مع أخذ أهداف استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للشركات في الاعتبار، يمكن لنظام ذكي أن يوصي باستراتيجية وخريطة البرنامج التي أيضا تساعد في تكوين وتحسين برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركات. كما يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي القضاء أو تقليل التحيز البشري في قياس القيمة وتقييم الأهمية المادية، ورصد وتتبع الاتجاهات الناشئة والتغيرات العالمية بشكل حيوي ويمكن أن يوفر مقاييس أداء دقيقة ومتعددة الأبعاد لبرنامج المسؤولية الاجتماعية للشركات مقابل المعايير العالمية. إضافة إلى أن للتكنولوجيا الذكية أيضًا يمكنها تحديد التحيز الإداري، عدم الإخلاص، عدم الأمانة، الخدمة الذاتية بالإضافة إلى القضايا الإدارية الأخرى، حيث يمكن أن تقدم توصيات لمعالجتها...

