مواكبة / محمد رضا البقلوطي
بعد احتضانها للقمة العربية في دورتها الرابعة والثلاثين حيث تضمن البيان الختامي للقمة «حث المجتمع الدولي، ولا سيّما الدول ذات التأثير، على تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية للضغط من أجل وقف إراقة الدماء وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة دون عوائق إلى جميع المناطق المحتاجة في غزة". وفرضت عدة قضايا عربية نفسها على أعمال القمة الـ34، من أبرزها التحديات التي تواجه سوريا، والتطورات الميدانية في ليبيا واليمن ولبنان، إلى جانب الحرب في قطاع غزة...
تستعد بغداد بعد ساعات احتضان مؤتمر الإعلام العربي في دورته الرابعة من 20 إلى 24 ماي الجاري حول موضوع "دور الإعلام في مواجهة التغيّر المناخي" من تنظيم اتحاد إذاعات الدول العربية وشبكة الإعلام العراقي.
تطرح هذه الدورة موضوعا حيويا يمسّ كل مجالات الحياة: الأمن الغذائي، المياه، الصحة، الاقتصاد، والطاقة. من خلال تصوّر استراتيجي واضح يُسهم في إدراج قضايا التغير المناخي ضمن أولويات التناول الإعلامي العربي، لا فقط من خلال الأخبار بل عبر برامج التوعية، التحقيقات، الوثائقيات، وورشات التثقيف البيئي...لذلك فإن التناول الإعلامي العربي لقضايا المناخ حسب رؤية اتحاد إذاعات الدول العربية، بحاجة إلى مقاربة جديدة تتجاوز الموسمية والطابع العلمي المعقّد، نحو خطاب مبسّط، يومي، واستقصائي، قادر على رفع وعي المواطن وتطوير السياسات البيئية على المستوى الوطني والدولي إذ يسعى الاتحاد من خلال هذا المؤتمر إلى تعبئة المؤسسات الإعلامية العربية وتزويدها بالأدوات والمقاربات التي تمكّنها من تبنّي خطاب إعلامي مسؤول حول التغيّر المناخي يُبسّط المفاهيم العلمية ويقرّبها من المواطن، ويكشف السياسات البيئية، ويراقب الالتزامات الحكومية والدولية. ويُحتّم هذا الدور على وسائل الإعلام إدماج القضايا المناخية في استراتيجياتها التحريرية وبرامجها المستقبلية، بما يتماشى مع رؤية شاملة تهدف إلى رفع مستوى الوعي الجماعي وتعزيز الاستعداد للتكيّف مع هذه التحديات، ويجب أن يتمّ ذلك عبر عملية تعبئة شاملة تُدمج فيها المخاطر المناخية كعنصر أساسي في تصوّر السياسات الإعلامية والتخطيط البرامجي على المدييْن المتوسط والبعيد، لضمان استدامة الرسالة الإعلامية وتأثيرها.
دور التكنولوجيا في صناعة إعلام استباقي وفعّال:
أربعة محاور رئيسية يتضمنها برنامج المؤتمر:
- مدخل إلى التغير المناخي: أسبابه ومخاطره
- الإعلام والتغير المناخي: الواقع والتحديات
- الشراكة والتعاون: نحو إعلام مناخي تشاركي
- التكوين والتدريب: الاستثمار في الإنسان
هذا وتسبق المؤتمر دورتين متخصصتين حول مبادرة "ّالإنذار المبكر للجميع All 4EW والتوعية "و"توظيف الذكاء الاصطناعي في إعلام المناخ"، في تأكيد على وعي المنظمين بدور التكنولوجيا في صناعة إعلام استباقي وفعّال. ويشهد المؤتمر مشاركة مجموعة من الخبراء من دول عربية وأجنبية، من بينهم من العراق وتونس ومصر والمغرب والأردن وبريطانيا وإندونيسيا والهند، وكذلك من منظمات وهيئات دولية كالاتحاد الدولي للاتصالات، شبكة بي بي سي ، منظمة الأغذية والزراعة، مكتب اليونسكو، الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، والشبكة العربية للبيئة والتنمية...و للإشارة فإن التكنولوجيا تؤثر على أداء وسائل الإعلام من خلال خاصية التفاعلية لدى المتلقي مع الآخرين، وهذا في ظل حتمية تكنولوجيا انتقل المجتمع من صناعي إلى مجتمع معلوماتي؛ أصبحت فيه المعطيات عبر خوارزميات معقدة تعمل على توفير المعلومات بشكل متسارع عبر شبكات الانترنت، وصار الفيديو التفاعلي في الهواتف النقالة ينقل الزوايا الضيقة التي لم يستطع الإعلام التقليدي تغطيتها، فالإنترنت وفرت لنا مجتمعا استهلاكيا، تضمن للتكنولوجيا أن تتطور بشكل مستمر بما يخدم احتياجات هذا المجتمع؛ حيث توفر له التكنولوجيات أن يصبح الفرد صحفيا هاويا يوفر هو الآخر المعلومة من زاويته التي يتواجد بها، والتي فرضت لونا جديدا في الإعلام بما يسمى بصحافة المواطن، التي قزمت من الحدود وأصبح العالم قرية كونية بذلك أصبح للتكنولوجيا دورا في صناعة إعلام استباقي وفعّال...
وضع خارطة طريق إعلامية عربية تستوعب تحديات التغير المناخي وبناء شراكات عربية ودولية:
ومن بين الأهداف الاستراتيجية والمخرجات المنتظرة وضع خارطة طريق إعلامية عربية، تُبنى على توصيات عملية يشارك في صياغتها نخبة من الخبراء والأكاديميين العرب والدوليين، في إطار من التشبيك وتبادل التجارب مع ممثلي المنظمات المتخصّصة والاتحادات الإذاعية الإقليمية والدولية.
وبالتالي فإن الجهود ستدعم لوضع خارطة طريق إعلامية عربية تستوعب تحديات التغير المناخي وبناء شراكات عربية ودولية تعزّز التبادل المعرفي والتقني في الإعلام البيئي مع التوصل إلى إعداد توصيات قابلة للتنفيذ من قبل المؤسسات الإعلامية، تعتمد خطابًا مبسّطا وفاعلا والعمل على توجيه الإعلام العربي نحو المراقبة الموضوعية للسياسات البيئية والالتزامات الحكومية.
ومن المرتقب أن يُتوّج المؤتمر بـ"إعلان بغداد"، وهي وثيقة مرجعية تُوجّه الخطاب الإعلامي المناخي في العالم العربي نحو مزيد من المهنية والفاعلية.
فعلا فلقد أثبت المؤتمر من خلال دوراته السابقة كأرضية صلبة لمواكبة التحولات وطرح أسئلة على الإعلام العربي بجرأة ومسؤولية. ومعالجة عديد الإشكاليات بحثا عن الحلول المناسبة ذلك ما سعى إليه اتحاد إذاعات الدول العربية خاصة منذ أكتوبر 2021 تاريخ إطلاقه لمبادرة تنظيم مؤتمر سنوي للإعلام العربي، حيث ناقشت الدورة الأولى موضوع "الإعلام العمومي في ظل القنوات الخاصة والتحولات الرقمية"، بينما ركزت الدورة الثانية في جانفي 2023 على 'الهيمنة الرقمية العالمية وسبل مجابهتها عربيًا"، أما الدورة الثالثة في جانفي 2024، فقد تناولت "الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي: الفرص والرهانات"...
Arabic
French 
