Written by  محمد رضا البقلوطي آذار 24, 2025 - 228 Views

في اليوم العالمي للمياه الموافق للثاني والعشرين من مارس تنظيم ندوة محورها " العدالة المائية في تونس بين الواقع والتحديات"

مواكبة / محمد رضا البقلوطي

تعتبر المياه موردا حيويّا، تمثل إدارتها العادلة تحديًا رئيسيًا للبلاد التّونسيّة. فعلى مدار العقود الماضية، واجهت بلادنا إجهادًا مائيًا ملحوظا، وذلك نتيجة لعدة عوامل متداخلة. في هذا السياق وبمناسبة اليوم العالمي للمياه، نظم المرصد التونسي للمياه - نوماد 08 ندوة حول " العدالة المائية في تونس بين الواقع والتحديات" وذلك يوم 21 مارس الجاري، بهدف مناقشة القضايا الملحّة المتعلقة بإدارة الموارد المائية في تونس. وقد جمعت الندوة خبراء من مختلف المجالات لمناقشة المشاكل في الوصول إلى المياه، تأثير التغيرات المناخية، وتحديات الحوكمة المائية، إضافة إلى تقديم حلول وتوصيات من أجل حوكمة أكثر إنصافًا واستدامة للمياه في تونس. وقد شارك في الندوة كل من، عواطف مبروك (خبيرة في علم الاجتماع مختصة في حوكمة المياه والمقاربة الجندرية): المرأة ومشكلة الولوج الى الماء وقيس بوعزي (باحث في العلوم السياسية والاجتماعية، ومتخصص في السياسات المائية والبيئية.: مفهوم العدالة المائية. كذلك حسين الرحيلي (خبير متخصص في التنمية والتصرف في الموارد): سياسات البنك العالمي في مجالي الماء والصرف الصحي بتونس: الأولوية للخصخصة على حساب الحقوق الأساسية. في حين أدارت الحوار: رحاب الحوّات (صحفية بموقع الكتيبة)
 

حوار حول الماء في إطار التصورات الاستشرافية لتونس في قطاع المياه في أفق 50 عاما:

 

وقد دعا المرصد الى فتح حوار وطني حول الماء في إطار التصورات الاستشرافية لتونس في قطاع المياه في أفق 50 عاما، واهمية فتح الحوار امام الفلاحين ومنظمات وطنية وجمعيات المجتمع المدني والهياكل العمومية المرتبطة بقطاع المياه إذ سجلت تونس أسوأ موجات الجفاف على الرغم من أن تغير المناخ قد فاقم من حدة الصعوبات في البلاد، إلا أن ندرة المياه يمكن أن تعزى إلى السياسات العامة والقرارات الاقتصادية بشكل رئيسي. هذه السياسات التي تمت بلورتها من خلال استراتيجيات متعمدة صاغتها عدة جهات أجنبية، والتي تخدم مصالح الدول الغنية التي تواصل استغلال وتحقيق أرباح من موارد أقاليمها الاستعمارية السابقة من خلال نهج وأساليب جديدة.

ثم إنّ ما تعيشه تونس اليوم من تدهور للموارد المائية نوعيا وكميا، ليس مجرّد نتيجة مباشرة للأسباب التي يتم الترويج لها، مثل كون تونس تعاني الفقر المائي بسبب موقعها الجغرافي وتأثرا بالتحولات المناخية، بل هي نتيجة للخيارات التنموية والسياسات التي تم تطبيقها منذ سنة 1956 في مجال التصرف في الموارد المائية. فهدر الموارد في إنتاج فلاحي، مستنزف وتصديري، حوّل تونس إلى مجرّد وعاء لإنتاج ما يطلبه الأجنبي على حساب موارد البلاد المائية وتربتها.

ولعلّ فشل المقاربة الوطنية تجاه الموارد المائية لا يقتصر على الخيارات التنموية المبنيّة على وهم التصدير، بل كذلك على غياب الرؤية الشاملة للموارد المائية.  ذلك أنه لم يتمّ التأسيس لسياسات مائية إقليمية تجعل التونسيين والتونسيات يستفيدون من مجاري المياه والأودية والموائد الجوفية العميقة المشتركة مع دول الجوار (مائدة القاري الوسيط الاحفورية) بلغة الأرقام، ومن خلال المعطيات وما ورد بالتقارير والدراسات التي تهتم بالشأن المائي، وخاصة الدراسة التي أعدّها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية (جوان 2011) حول الماء في تونس أفق 2050، فإنّ متوسط الإمكانات المائية السنوية القابلة للاستعمال، بقدراتنا الحالية في تونس، تتراوح بَين 3.8 و4.8 مليار متر مكعب.

وتتوزع هذه الإمكانات المائية السنوية حسب المصدر كما يلي: 

-موارد سطحية : ما بين 2 إلى 2.7 مليار متر مكعب

-موارد جوفية : ما بين 1.8 إلى 2.1 مليار متر مكعب 

 

 العمل على الترشيد والحوكمة في استعمال المياه وإعادة النظر في السياسات العمومية المتعلقة بالمياه:

 

وإذا كانت نُدرة الماء في تونس مرتبطة بالمناخ وبالموقع الجغرافي، فإنّ الشحّ المائي وأزماته التي تكرّرت خلال الفترات الأخيرة، ليست إلّا نتيجة منطقية، إن لم نقل حتمية، للسياسات العمومية المرتبطة بالماء من ناحية، وللخيارات الاقتصادية، خاصة منها المرتبطة بالإنتاج الفلاحي والصناعي من ناحية أخرى. أمّا بالنسبة لخدمات الصرف الصحّي، التي كانت ومازالت في جلّ بلدان العالم مرتبطة بالماء وحمايته من التلوث، فإنها في تونس ومنذ انطلاقتها سنة 1974 إلى الآن، ماتزال من الخدمات الكمالية وليست الأساسية...ذلك ما تمت الإشارة إليه من خلال  الورقة البحثية للأكاديمي المتخصص في مسائل التنمية والتصرف في الموارد المائية الباحث حسين الرحيلي الذي  قدّم عرضا مفصّلا لسياسات البنك العالمي، ولنتائج هذه السياسات والخيارات المفروضة بشكل مباشر أو غير مباشر في مجاليْ الموارد المائية والصرف الصحّي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان باعتبارهم الحلقة الأضعف في هذه السياسات...

وللإشارة فإن الموسم الفلاحي الحالي واعد مما يدعو إلى العمل الدائم على الترشيد والحوكمة في استعمال المياه وإعادة النظر في السياسات العمومية المتعلقة بالمياه. حيث بلغت نسبة امتلاء السدود التونسية، إلى حدود يوم 21 مارس 2025، حوالي 35.5 بالمائة ليبلغ مستوى 871ر839 مليون متر مكعب، مقابل 488ر871 مليون متر مكعب، في الفترة ذاتها من سنة 2024.ومقارنة بالمعدل المسجل خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فإنّ المخزون الحالي للمياه في السدود التونسيّة، شهد تراجعا أكبر بلغ نسبة 8 بالمائة. وتبلغ نسبة امتلاء سدود الشمال 40.8 بالمائة وتصل الكميّات من المياه إلى 376ر756 مليون متر مكعب، أيّ ما يمثل 90 بالمائة من المياه المتوفرة في كلّ السدود التونسية. ويستأثر سد سيدي البراق بنسبة 25 بالمائة من المخزون الجملي للمياه في السدود، مع نسبة امتلاء تناهز 73 بالمائة. في المقابل، لم تتجاوز نسبة امتلاء السدين المتواجدين بالوسط وبالوطن القبلي على التوالي 13.8 بالمائة و34.6 بالمائة.

وبلغت كميّات المياه الوافدة على السدود، من غرة سبتمبر 2024 الى غاية 20 مارس 2025، نحو 088ر665 مليون متر مكعب، لتسجل بذلك انخفاضا بنسبة 52 بالمائة مقارنة بمعدل هذه الفترة. وقدرت كميات المياه الوافدة على السدود، يوم الجمعة 21 مارس 2025، بحوالي 120ر1 مليون متر مكعب وتأتي أغلب هذه الكميات من السدود الواقعة في شمال البلاد. وبلغ إجمالي استهلاك المياه من السدود، يوم 21 مارس 2025، حوالي 358ر1 مليون متر مكعب.
 
تسليط الضوء على أهمية المياه واستلهام الإجراءات الرامية إلى التصدي للأزمة العالمية للمياه:
 
واليوم العالمي للمياه هو احتفال سنوي تقيمه الأمم المتحدة - ينظم سنويا في 22 مارس - يركز على أهمية المياه العذبة، وتنسّق فعالياته لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية، ويتولى شؤونه عضو أو أكثر من أعضاء اللجنة وشركائها الذين لديهم ولاية ذات صلة بمواضيعه. ويتم الاحتفال باليوم العالمي للمياه لتسليط الضوء على أهمية المياه واستلهام الإجراءات الرامية إلى التصدي للأزمة العالمية للمياه. ومن المجالات الرئيسية التي يركّز عليها اليوم العالمي للمياه دعم تحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة، وهو ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030. ويركز الاحتفال على أهمية المياه العذبة، كما أن الحصول على المياه حق من حقوق الإنسان. ومع ذلك، يعيش 2.2 مليار شخص دون خدمات مياه شرب مدارة بأمان، مع ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة على حياتهم والمجتمع الأوسع. وتُعد الدورة المائية المدارة بشكل جيد الأساس الذي يستند إليه التقدم المحرز في جميع أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030، لا سيما فيما يتعلق بالجوع والمساواة بين الجنسين والصحة والتعليم وسبل العيش والاستدامة والنظم الإيكولوجية.

وتقع المياه أيضاً في صميم التكيف مع تغير المناخ، حيث تعمل حلقة وصل حاسمة بين النظام المناخي والمجتمع البشري والبيئة.
وفي ظل غياب الإدارة السليمة للمياه، من المرجح أن يزيد التنافس على المياه بين القطاعات وأن تتصاعد أزمات المياه من مختلف الأنواع، ما يؤدي إلى حالات طوارئ في مجموعة من القطاعات المعتمدة على المياه. إذ أن المياه هي في قلب التنمية المستدامة، وهي ضرورية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، والطاقة وإنتاج الغذاء وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان. كما أن المياه كذلك في صلب عملية التكيف مع تغير المناخ حيث تضطلع بدور الرابط بين المجتمع.
 

"الحفاظ على الأنهار الجليدية " موضوع يوم المياه العالمي لعام 2025:

 

وللعلم فإن موضوع يوم المياه العالمي لعام 2025 هو "الحفاظ على الأنهار الجليدية". إذ تكتسي الأنهار الجليدية أهمية بالغة للحياة - فالمياه التي تتوفر من ذوبانها ضرورية لأغراض مياه الشرب والزراعة والصناعة وإنتاج الطاقة النظيفة والنظم الإيكولوجية الصحية. وذوبان الأنهار الجليدية بسرعة يضفي حالة من عدم اليقين بشأن تدفقات المياه، مع ما يترتب على ذلك من آثار بالغة على الناس والكوكب. ومن الضروري إجراء تخفيضات عالمية في انبعاثات الكربون، وتنفيذ استراتيجيات محلية للتكيف مع الأنهار الجليدية الآخذة في التقلص. وفي يوم المياه العالمي، يجب أن نعمل معاً حتى يكون الحفاظ على الأنهار الجليدية هو محور خططنا الرامية إلى التصدي لتغير المناخ ومواجهة أزمة المياه العالمية.





Contact Info (2)

  • Lorem Ipsum is simply dummy text of the printing and typesetting industry. Lorem Ipsum is simply dummy text of the printing and typesetting industry.
  • No 1123, Marmora Road, Glasgow, D04 89GR.
  • (801) 2345 - 6788 / (801) 2345 - 6789
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Top
We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…