اثر حدوث مفاجأة رحيل الفنانة المسرحيّة الممثلة ريم الحمروني التي باغتتها المنيّة و هي في عزّ العطاء و قد زادها الظهور الإعلامي المميّز انتشارا باعتبار تعاملها مع مختلف وسائل الإعلام بطريقة تضمّنت الكثير من الحرفيّة الممزوجة بالذكاء و الفطنة لم يغب عنها أسلوب الضحك و الفرح و المرح دون أن تنساق وراء أسلوب التقطيع و الترييش تحت شعار ً الفم يبوس و القلب فيه السوس ً ... بالتّزامن مع انغماس كلّ من فاجأه رحيل الممثلة الموهوبة المرحومة ريم الحمروني في الحديث عنها كلّ حسب طريقته و منهجيّته ووضعه و وضعيّته و كلهم يعرفون و كانوا على يقين بأنّ مثواها الأخير تراب سيدي بلبابة في ولاية قابس جنّة الدنيا !!! و حتى لا تبقى في القلب لوعة خاصّة و أنّنا نعرف كما الجميع يعرفون المقولة الشعبيّة المشهورة " البعيد على العين بعيد على القلب" كانت هناك دراية و معرفة بالعقليّة السائدة في واقعنا المعاش " الذي توافيه المنيّة تنساه الرعيّة " و هذا لعمري شرّ البليّة... السيّدة عائشة معتوق رئيسة جمعية اعمار و تواصل المنبثقة عنها الإذاعة الجمعياتيّة الأولى في قابس " راديو عليسة أف . أم " ومديرة مدرسة عليسة للتكوين عاشت الأيام الأولى لرحيل الممثلة ريم الحمروني من زاوية أخرى و بطريقة مغايرة تماما لما كان يعيشه الجميع في طنبك التّعازي حيث فاجأت الجميع دون استثناء بضرورة خلق فكرة مهرجان ثقافي باسم الفقيدة يخلّد ذكراها و يساهم بطريقة ذكيّة جدّا في تنشيط الساحة الثقافيّة بقابس و إدارة كل الرقاب الاعلاميّة الى جهة قابس بوابة الجنوب الشّرقي حيث أصرّت السيّدة عائشة معتوق على المضيّ قدما نحو بعث الدورة الأولى للمهرجان المذكور و جمّعت كل امكانياتها البشريّة و اللوجيستيّة و تم التنسيق مع المندوبيّة الجهويّة للشؤون الثقافيّة بقابس و إعلام مختلف الجهات المعنيّة بقابس تبعا للطرق المعمول بها في مثل هكذا وضعيات و من ثمّ الانطلاق في ضبط البرنامج على مدى ثلاثة أيام 7-8-9 جويلية 2023 بالمركّب النّموذجي للشّباب بمعتمديّة قابس الجنوبيّة و مركّب الطفولة بمعتمديّة قابس المدينة باعتبار أنّ البرنامج الذي حدّدته مديرة الدورة الأولى السيّدة عائشة معتوق قد مسّ مختلف الأعمار والمستويات دون تحديد...
عائلة الفقيدة في صلب الموضوع
و لعلّ ما ميّز الدّورة الأولى للمهرجان الثقافي المذكور هو إصرار المديرة المسؤولة صاحبة الفكرة من أوّلها الى آخرها على ادماج عائلة الفقيدة ريم الحمروني في صلب الموضوع و هي عائلة أثبتت من خلال فعّاليات المهرجان أنّها تستحق الاحترام و التّقدير سواء من ناحية الجديّة أو من ناحيّة الأخلاق الطيّبة أو من ناحيّة الالتزام الأخلاقي وهذا إن دلّ على شيء فانّما يدلّ دلالة لا يرقى لها الشّك بأنّ المسار التّربوي لعائلة الفقيدة ريم الحمروني ارتكز على مبادئ الوفاء و قد تجلّى ذلك من خلال حضور و تصرّفات كل الذين تربطهم علاقة بلقب - الحميدي- الحمروني.
انطلاقة طوعيّة بموارد ذاتيّة و طاقات محليّة
إصرار مديرة المهرجان لم يقف عند هذا الحدّ بل طال فقرات التظاهرة في دورتها الأولى لتكون قابسيّة مائة بالمائة خاصة إذا ما علمنا بأنّها انطلقت في يومها الأوّل بعرض ممتاز جدّا لمجموعة البحث الموسيقي القابسيّة بقيادة المايسترو الفنان نبراس شمام الذي نجح و أمتع و أقنع بمعيّة عناصر فرقته من خلال ما قدّموه من قصائد غنائيّة ملتزمة اغتصاب اعجاب الجمهور الذي لم يفوّت فرصة الحضور لمواكبة فعاليات ميلاد مهرجان الفقيدة ريم الحمروني الذي انطلقت دورته الأولى تحت شعار - ريم لا تزال بيننا -...
و لئن ظنّ الجمهور الذي واكب السّهرة الأولى أنّ اصرارمديرة المهرجان انتهى خلال اليوم الافتتاحي الأوّل بما نجح في إنتاجه و إخراجه الإعلامي الشاب المميّز غسّان الخالدي ابن الإذاعة الجمعياتيّة الأولى في قابس " راديو عليسة أف.أم " قابس من خلال الشريط الوثائقي الذي اختار له عنوان" لك أهل يا ريم" و الذي تضمّن أجزاء مهمّة جدّا كانت قد رسمتها الفنانة الراحلة ريم الحمروني طوال مسيرة فنيّة ابداعيّة لم يكتب لها و للأسف الشديد أن تتواصل و تستمرّ و تلك مشيئة الله و حكم القضاء و القدر...
اليوم الثاني كان للعبرة والاعتبار و الربط بين مختلف الأعمار
و سعيا منها للقطع مع المقولة الشعبيّة المعروفة جدّا التي تقول "عاش يتمنى في عنبة مات علقوله عنقود" حرصت مديرة المهرجان و في حركة جريئة جدّا الى تكريم الممثّل المعروف ابن منطقة تبلبو بمعتمديّة قابس الجنوبيّة صالح الجدي و الهدف من وراء ذلك هو الإصرار الجدّي على إرساء معالم عادة حميدة جديدة تعتمد تقاليد تكريم المبدعين و هم أحياء انطلاقا من أنّ الفنان أو المبدع مهما كان مجاله يريد أن يعيش لحظة التكريم أمام جمهوره و محبّيه و وسط آله و ذويه و هو ما كان قد أكده الممثّل صالح الجدي في تصريح اعلامي عقب تكريمه و عقب مشاهدته للشريط الوثائقي الذي أعدّه و أخرجه الشاب المبدع ابن إذاعة راديو عليسة أف.أم قابس الصحفي نبيل الزيتوني الذي وضع من خلاله الممثل صالح الجدي في وقفة تأمل مع نفسه و هو في غمرة خوض غمار عالم التمثيل ... ولأنّ للطفولة مكانة خاصة في طابع الفنانة الراحلة ريم الحمروني حرصت إدارة المهرجان على أن تنطلق الحصّة الصباحيّة لليوم الثاني بتنظيم ورشات للأطفال في صنع الدّمى و الرسم بمركّب الطفولة بمعتمديّة قابس المدينة مع عرض شريط تضمّن أحد الأعمال المسرحيّة التي شاركت فيها الممثلة الفقيدة .... أمّا الحصّة الثانية المسائيّة التي احتضنها المركب النموذجي للشباب بمعتمديّة قابس الجنوبيّة فقد تمّ تخصيصها للشعر الشعبي بنوعيه الفصحى والشعبي مع مداخلات غنائيّة لضيف المهرجان في دورته الأولى الفنان السوري علاء الصافي ...
اليوم الختامي تمّ بابداعات فنون الأكاديميّة و التكريمات التحفيزيّة
و لأنّ الإصرار مبني على حقيقة حبّ الفوز و الانتصار فقد اتّجهت النيّة الى انطلاق اليوم الثالث والختامي بحصّة صباحيّة تضمّنت مسابقة في الغناء و فنّ التقليد و ذلك بنيّة فتح المجال للموهوبين المحتاجين لإبراز مواهبهم في مثل هكذا تظاهرات يمكن أن تمنحهم فرصة البروز و التألق...و كما كانت انطلاقة اليوم الأوّل غنائيّة مع فرقة البحث الموسيقي التي أمتعت الجميع عاش الجمهور الذي واكب السهرة الختاميّة الأخيرة نشوة الطرب الأصيل بنفحات و نغمات الزمن الجميل مع مجموعة نادي الغناء العربي للسيّدات بأكاديميّة الفنون بقابس التي استطاعت أن تترك أحسن الانطباعات للجمهور كما لهيئة المهرجان التي حرصت على أن تكون السّهرة الختاميّة سهرة تكريم و اعترافا بالجميل لكل من شارك في إنجاح فقرات الدّورة الأولى انطلاقا من عائلة الفقيدة مرورا بالمشاركين وصولا الى المتسابقين...
الجهة برمّتها مطالبة بالمحافظة على مشروع المهرجانو لأنّ شعار الدورة الأولى التي كانت مغامرة جريئة بجميع المواصفات و من مختلف النواحي أرادته هيئة المهرجان أن يحمل اسم – ريما.. لازالت بيننا – لا يمكن بأيّة حال من الأحوال أنّ يشذ عن هذه القاعدة و هو ما اتجهت مديرة الدورة الأولى و صاحبة الفكرة السيّدة عائشة معتوق التي عوّلت على امكانياتها الذاتيّة ماديّا و معنويّا من خلال اعتماد مجموعة شابة من النّاشطين ضمن تركيبة جمعيّة إعمار و تواصل المنبثقة عنها الإذاعة الجمعياتيّة الأولى في قابس " راديو عليسة أف.أم "بالاشتراك مع مدرسة عليسة للتكوين بعين سلام قابس و بدعم من المندوبيّة الجهويّة للشؤون الثّقافية بقابس و المركّب النموذجي للشباب بمعتمديّة قابس الجنوبيّة ومركّب الطفولة بمعتمديّة قابس المدينة رغبة منها في مواصلة المضيّ قدما في اتجاه مواصلة رعاية هذا المولود الثقافي الجديد الذي أطلّ على ولاية قابس اطلالة ايجابيّة طيّبة تفرض على مختلف مكوّنات الجهة برمّتها دون استثناء ضرورة و وجوب وضع اليد في اليد لكي يتضاعف المجهود و يتحسّن المردود و يتحقق في النّهاية الهدف المنشود لتبقى ريم الحمروني دائما بيننا و لها كما قالها المخرج الشاب غسّان الخالدي أهلها في قابس عندها سنكون جميعا قد نجحنا في تحقيق الوعود...
و ختاما أقول : رحم الله فقيدة أحيت فينا حبّ الانتماء ... أليس كذاك..؟!
بقلم : شوقي حارس