المروج / محمد رضا البقلوطي
يسدل الستار يوم الأربعاء 23 أوت الجاري على فعاليات مهرجان المروج الصيفي في دورته الواحدة و الثلاثين بعرض متميزللفنان مرتضى الفتيتي ، وقد شهد المهرجان هذا العام برنامجا متنوعا اعتمدته هيئة المهرجان لتلبية رغبات الجمهور و تحقيق أهداف هذه التظاهرة حيث أكد مدير المهرجان محمد أنيس البقلوطي خلال إفتتاح الدورة الحالية عن الأمل بأن تكون دورة هذا العام فاتحة عهد جديد لخدمة متساكني الجهة في المجال الثقافي و إتاحة الفرصة للترفيه و جمع الشمل خاصة في هذا الظرف الذي يحتاج إلى مزيد التكامل و التعاون من أجل السير نحو الأفضل ،مضيفا أهمية الدور الطلائعي الذي يلعبه الميدان الثقافي و مساهمة المهرجان باعتباره الفضاء الرحب لتقديم برامج و أنشطة هادفة لذلك فقد اكتست هذه الدورة حلة جديدة بفضل التعاون بين مختلف الأطراف للوصول الى الهدف المشترك و هو إسعاد المجموعة. كما أكد أن مهرجان هذه السنة تظافرت فيه جهودعديد الا طراف لتجاوز الصعوبات بفضل تجاوب مختلف المسؤولين محليا و جهويا لتذليل العراقيل منها المادية التي لم تكن مانعا من إدراج برمجة فيها المسرح و الموسيقى و التنشيط و جمعت خلال السهرات نخبة من الفنانين .
و من ملامح برمجة هذه الدورة عرض جعفر القاسمي ، مسرحية تفريكة للسعد بن عثمان و سهرة رؤوف ماهر ، سهرة سومية الحثروبي و سهرة زوار الحضرة لمرشد بوليلة . و للأطفال نصيب في المهرجان من خلال سهرة قتار ماجيك . و تجدد اللقاء مع الفن الرابع من خلال أنا الريح و خاتمة المهرجان مع سهرة مرتضى فتيتي .
افتتاح متميز بعرض ديما نضحك ديما زاهي من إخراج منير العرقي :
هذا ونشير إلى أن افتتاح المهرجان كان بعرض ديما نضحك ديما زاهي من إخراج منير العرقي و أداء فتحي المسلماني ،إكرام عزوز، كوثر بلحاج، حنان الشقراني، محمد حسين قربع و صبري الجندوبي ... هذا العمل الفني الذي ضم نخبة من المبدعين الفنانين و المسرحيين جسد مكونات الفرجة و الموسيقى و الكوميديا إذ يرمي أساسا إلى تثمين التراث الموسيقي الكوميدي الساخر في تونس و ذلك عبر أداء الممثلين باقة من الأغاني المستمدة من صميم التراث التونسي على غرار الهادي السملالي ،فتحي المليتي، صالح الخماسي، حمادي الجزيري، محمد الجراري... هؤلاء الفنانين الفكاهيين الذين ساهموا في تقديم نوع جديد من الأغاني التي تعالج مشاكل العصر و تنقد المجتمع بطريقة ساخرة.
فعلا قضى جمهور مهرجان المروج الصيفي سهرته الأولى و على امتداد ساعتين عرضا ممتعا جمع بين الغناء و التمثيل و متعة الفرجة و استحضر الكبار منهم أجواء الستينات و السبعينات مع تألق نجوم الأغاني الفكاهية التونسية نذكر منهم صالح الخميسي، الهادي السملالي، حمادي الجزيري و محمد المورالي الذين ساهموا في تأسيس نوع جديد من الأغاني التي بقيت في البال و تحولت إلى جزء من الموروث الفكاهي و ليبقى شعار ديما نضحك ديما زاهي فرصة للحالمين و محبي الفن... كان هذا العرض بميزاته منطلقا لعروض متميزة ادرجها مهرجان المروج الصيفي ضمن برنامج طموح ليمتع جمهوره من خلال عروض تتماشى مع مختلف الأعمار والأذواق.
جنجون ومجموعة شبابية من أبناء المروج في سهرة متألقة في موسيقى الراب و الإيقاعات و الحركات السريعة :
فبعد سهرة الافتتاح مع مسرحية ديما نضحك ديما زاهي والسهرة الثانية مع عرض فرقة المحبة لدار الثقافة المروج و تكريم ثلة من النساء الرائدات بالجهة احتفالا بعيد المرأة. استقبل جمهور مهرجان المروج الصيفي عرض جنجون ضمن جولته الصيفية التي يقوم بها لإحياء 25 سهرة في مختلف أنحاء الجمهورية انطلاقا من بوحجر يوم 2 أوت وصولا إلى توزر يوم 29 أوت .
سهرة مهرجان المروج الصيفي الثالثة انطلقت بعرض للراب قدمه شباب من الجهة " بلاك أي " و أيمن أ م ج من أبناء المروج.ثم صعد جنجون الركح في وسط تصفيق وتفاعل من الجمهور الذي جاء ليكتشف إبداعات تجمع بين موسيقى الراب و الإيقاعات و الحركات السريعة على أنغام عديد الأغاني مختلفة الإيقاعات تفاعل معها الجمهور الحاضر و خاصة الشباب الذين رددوا الكلمات و رقصوا على النغمات التي أدخلت أجواء مرحة. هذا الحفل الشبابي جاء ليدعم برمجة ثرية لمهرجان المروج الصيفي تجمع بين مختلف الفقرات الفنية من موسيقى و مسرح و تنشيط يجد فيها مختلف الحضور رغباتهم للترفيه حسب الفئات و الأعمار. و لقد ساهمت سهرة عمر الطويهري ( المعروف باسم جنجون ) في دعم التوجهات التي تسعى جمعية مهرجان المروج الصيفي لتحقيق دورة التميز و الإبداع و الترفيه...
و للإشارة فإنه خلال السهرة قام جنجون بجهود لخلق الجو التفاعلي مع ما قدمه من فقرات موسيقية متنوعة باعتباره متخصص في موسيقى الراب و البوب المعروفة على نطاق واسع باسم موسيقى" الاندرقراوند "...
و لقد بدأ عمر الطويهري " جنجون " و هو من مولليد 22 ديسمبر 1992 بجندوبة، مسيرته الموسيقية بعد انقطاعه عن الدراسة لأسباب صحية و مالية سنة 2005 لاحقا أطلق على نفسه إسم جنجون jenjon وهو ما يعني "الجن الصغير" كما واجه عدة صعوبات منها نقص الدعم المادي و عدم توفر استوديوهات متاحة في الجهة التي كان يعيش فيها.
وفي سنة 2018 إنتقل إلى تونس العاصمة و شرع في العمل للحصول على المال ليتمكن من توفير الماديات لتسجيل موسيقاه ثم التقى بالعديد من المشاهير بعضهم لم يقدموا له المساعدة في حين شجعه آخرون و لم يكن ذلك إلا الدافع للنجاح. و يعتبر جنجون الآن من أفضل الموسيقيين في مجاله حيث تمكن من الحصول على أكثر من مليون و 100الف مشترك على اليوتوب في حين حقق محتواه ملايين مشاهدة في مرحلة أولى ليحقق بذلك أحلامه.
جعفر القاسمي في مسرحية درابو تحمل مشاهد معاني مجازية هادفة :
كما سجلت عروض مهرجان المروج الصيفي ، سيرا تصاعديا من حيث البرمجة و الحضور، المهرجان في يومه الرابع استقبل جمهوره المبدع جعفر القاسمي في مسرحية درابو حيث اعتمد فيها أسلوبا مجازيا قائما على التشبيه و كذلك الكتابة مشبها الوطن بالحقل التي تدور فيه أحداث المسرحية بمختلف أطوارها كما شبه أنواع الغلال التي تنمو فيه بالكفاءات والأدمغة التونسية التي تزخر بها البلاد تاركة وراءها فراغ داخل الوطن جراء الهجرة القسرية. في عرضه اعتمد جعفر القاسمي كذلك الحوار المباشر مع الجمهور و تشريكه و تقديم أمثلة حية من الحياة اليومية و بعض الوقائع و كذلك إيحاءات لعدة مظاهر سلبية في المجتمع التونسي و تفشي حالات الفساد و بذلك أراد الفنان أن يكون عرضه مرآة تعكس الأوضاع الهشة التي تعيشها البلاد منذ سنوات.
عرض رؤوف ماهر لوحة فسيفسائية ذات طابع تقليدي محملة بنفحات الجنوب :
سهرة التميز الأخرى التي تظافرت فيها جهود جمعية معاضدة العمل البلدي بالمروج وهيئة مهرجان المروج الصيفي ، تم إحيائها بحضور جماهيري كبير من طرف رؤوف ماهر ذلك الفنان من طراز رفيع ، الذي اعتمد هويته التونسية الجنوبية، وميزته اعتزازه بتراثه وتمسكه بجذوره، صفات أكدها رؤوف ماهر في عرضه من خلال لوحة فسيفسائية ذات طابع تقليدي محملة بنفحات الجنوب.حيث قدّم باقة من أجمل الأغاني مع حضور ركحي متميز على امتداد ساعتين مبرهنا عن الجدارة باعتلاء الركح وبتعلق الجمهور الذي تفاعل معه، وشاركه الغناء والرقص بإستمرار وملأت الزغاريد كما هزّ صوته القوّي أرجاء فضاء المهرجان...
ويبقى فضاء المهرجان حاليا وقتيا لأن منطقة المروج بكثافة عدد سكانها الذي يزيد عن 200 ألف ساكن في حاجة ملحة لمسرح هواء طلق يتسع لجمهور تواق للتظاهرات الثقافية والفنية في إطار برمجة هادفة تتماشى وأذواق مختلف الفئات وتجعل المروج نقطة إشعاع ثقافي.