قوانين الكون واحدة لكل الأجسام
الحركة المطلقه .. آلبرت آينشتاين
أنكر آينشتاين في نظريته إمكان الحركة المطلقه .. فمن المستحيل أن نعرف أن جسماً ما في حالة حركة أو سكون إلا بالرجوع إلي جسم آخر.. تاريخنا مع حركة الأرض يؤكد كلام آينشتاين ، فقد أعتقدنا لقرون طويله بأن الأرض ساكنه حتي الليله التي نظر فيها جاليليو بالتلسكوب وأكتشفنا حركة الأرض عن طريق رصد النجوم والكواكب حولها.
لكن تخيل لو أرضنا كانت تدور وحدها في الفضاء لا تتبع شمساً ولا نجوم في سماء الليل ، فقط ظلام يتشح بالظلام.. لما أمكن معرفة حركة الأرض من سكونها، وسوف نظل جاهلين بحقيقة الحركة، لكن هناك استثناء واحدٍ فقط.. أن تبطئ الأرض في حركتها فجأة، أو تسرع فجأة ، وحينها ندرك عن طريق تثاقل أجسامنا وقصورنا الذاتي أننا علي جسم متحرك..
مثل راكب الطائرة الذي يستطيع أن يكشف حركة الطائرة دون النظر إلي النافذه بمجرد أن تغير الطائرة من سرعتها او أتجاهها أو ارتفاعها.. أو راكب القطار الذي يجلس في مقصورة مغلقه جاهلا بحركة القطار، حتي يبدأ القطار في التباطؤ أو الإنحراف عن مسيره.. فيدرك أن قطاره يتحرك.
وهذا يعني ببساطه أن الحركه يمكن أن تكون مطلقه إذا كانت غير منتظمه .. وفي هذه الحاله يمكن إدراكها بالرجوع إلي ذاتها .. دون الحاجه إلي مرجع خارجي .. لهذا وضع آينشتاين نظريته الأولي "النظريه النسبيه" وإقتصارها علي الأجسام التي تتحرك حركة منتظمه فحسب .. وقال فيها :"إن قوانين الكون واحدة لكل الأجسام التي تتحرك بحركة منتظمه".
لكن هذا الشذوذ ظل يؤرق باله.. آينشتاين لا يؤمن بكون معقد وإنما بكون بسيط .. ويري أن البساطة أعمق من التعقيد .. وأن تعدد القوانين وتناقضها في كون واحد يدل علي عقل رياضي سطحي عاجز عن إدراك الحقيقه ..
وبعد سنوات من التفكير كانت اجرأ خطوة في تاريخ آينشتاين
"النسبية العامه" التي أعلن فيها أن "قوانين الكون واحده لكل الأجسام بصرف النظر عن حالات حركتها" وبتلك الطريقه عاد ورفض كل ما هو مطلق .. حتي الحركة الغير منتظمه أصبحت نسبية لا يمكن الجزم بها دون مرجع خارجي .
ولتقريب مشكلة آينشتاين إلي ذهن القارئ تخيل آينشتاين أرجوحة مربوطه بحبال إلي عمود رأسي .. وأن هذه الأرجوحه تدور حول العمود مع فارق أنها مغلقه تماماً .. والجالس بداخلها لا يري ما يدور خارجها .. وأنا موجوده في الفضاء بعيداً عن الجاذبيه ..
ماذا سوف يحدث لعدد من العلماء جالسين في تلك الأرجوحه ؟
سوف يلاحظون أن أجسامهم تتثاقل دائما نحو أرضية الأرجوحه ، وأنهم إذا ألقوا بأي شئ فإنه يسقط دائما نحو الأرضيه وإذا قفزوا من أماكنهم فإنهم سوف يقعون دائماً نحو الأرضيه .. وسوف يكون تعليلهم لهذه الظاهره أن هناك قوي جاذبيه في هذه الأرضية ..
وهم لن يفطنوا ولن يدركوا أن أرضية أرجوحتهم هي جدار خارجي مباشر علي الفضاء ..والسبب أن حواسهم تقرن دائما أي تثاقل نحو الأرضيه .. وهكذا ستكون جميع حسابات العلماء مؤكده بأنهم خاضعون لقوي الجاذبيه .. ولكن من يلاحظ هذه الأرجوحه من الخارج سوف يخطئ كل حساباتهم ، وسوف يري أنهم خاضعون للقصور الذاتي المعروف بأسم القوي الطاردة المركزيه . وهو القوة التي تطرد الأجسام المتحركة في دائرة إلي خارج الدائرة ..
معني هذا إنه هناك إمكانية للخلط دائما بين الحركة الناتجة من الجاذبية والحركة الناتجة من القصور الذاتي .. ولا يمكن التفرقه بين الإثنين إلا بالرجوع لمرجع خارجي ..
وبذلك لا تكون هناك وسيلة إلي إدراك الحركة المطلقه .. حتي من خلال الحركة غير المنتظمة .
وبذلك تصبح نظرية آينشتاين عامة شاملة لكل قوانين الكون لا نظرية خاصه بالأجسام ذات الحركة المنتظمه ..
أما البرهان الثاني يأخذه آينشتاين من ظاهرة طبيعيه معروفه هي سقوط الأجسام نحو الأرض بسرعة واحدة مهما اختلفت كتلتها .. كرة من الحديد تسقط نحو الأرض بنفس السرعه التي تسقط بها كرة من الخشب مماثلة لها في الجسم بنفس السرعه التي تسقط بها قنبلة مدفع ..
وإذا كانت قطعة الورق تسقط نحو الأرض ببطء فالسبب أن مسطحها كبير ومقاومة الهواء لسقوطها كبير .. لكن لو كورناها تماماً فإنها تسقط نحو الأرض بنفس سرعة الكره الحديد ..
ولقد كانت هذه السرعة الواحده التي تسقط بها كل الأجسام مصدر مشكلة في الطبيعه ..
فالقوة التي تدفع كرة صغيره عدة أميال إلي الأمام ..
لا تكاد تحرك عربة سكة حديد إلا سنتيمترات قليله .. نتيجة أن عربة السكة الحديد تقاوم الحركة بقصورها الذاتي الأكبر ..
وقد حل نيوتن هذه المشكله بقانونه الذي قال فيه ..
"إن قوة الجاذبيه الواقعة علي جسم تزداد كلما ازداد قصوره الذاتي" ولذلك يسقط كرتان من الحديد والخشب بنفس السرعه .. بالرغم من أن كرة الحديد قصورها أكبر ومقاومتها للحركة أكبر إلا أن القوة التي تشدها أكبر ..هذا القانون الذي أعلنه نيوتن بأسم "تكافؤ الجاذبيه والقصور الذاتي" هو دليل آخر علي إمكانية الخلط بين القوانين ..
انتهت نظرية آينشتاين المعرفة "بالنسبية العامة" إلي نفي معرفة كل ما هو مطلق وإلي اعتبار الكون خاضعاً لقوانين واحدة
برغم اختلاف الحركة.. وإلي استحالة معرفة الحركة من السكون بدون مرجع خارج عن نطاق الحركه وعن نطاق السكون .
Published in
تكنولوجيا